الجمعة، 16 يناير 2015

هل تحمل العيون’ نُدوب التطوّر’؟

بسم الله الرحمن الرحيم

يقوم الإطار الفكري التطوري على رؤية الكائن الحي "بعيوبه" لدعم الآلية التطورية العمياء بشكل دائم.
يتناسى التطوري هذا أن التصميم فيه قيود مفروضة في عالمنا بحدود السعة والطاقة.

المصيبة الكبرى ليست هنا، بل في افتراض عيوب بما ليس به عيب أصلاً.

هذا ما سنقرأه حول العين اليوم

قراءة ممتعة






هل تحمل العيون’ نُدوب التطوّر’؟

في مقالة تم نشرها في مجلة Scientific American، كتب عالم الأعصاب تريفور لامب Trevor Lamb أن عيون الفقاريات تحتوي العديد من العيوب التي سماها "ندوب التطور". واستشهد بتلك "العيوب" كدليل قوي أن القوى التطورية العمياء هي المسؤولة عن "اختراع" العيون (1). ولكن البحث أثبت أن هذه العيوب المفترضة خيالية بالكامل.

وصف لامب "العيب" الأول في عيون الفقاريات:

إن الشبكية مقلوبة بطناً لظهر، ولهذا فعلى الضوء أن يمر من خلال كامل سماكة الشبكية – خلال ألياف العصب المعترضة وأجسام الخلايا التي تشتت الضوء وتحط من جودة الصورة – قبل الوصول إلى المستقبلات الضوئية الحساسة للضوء (1).


يمر الضوء بالفعل من خلال كامل سماكة الشبكية، ولكنه لا يتقاطع مع اجسام الخلايا العصبية. وهذا بسبب خلايا مولر Müller cells قمعية الشكل التي توجه الضوء خلال الشبكية مباشرة للمستقبلات الضوئية في مؤخرة العين، بحيث تكون جودة الصورة ممتازة (2). وبعيداً عن تكون معيبة، فإن هذا الترتيب يخدم حماية المستقبلات الضوئية من الأشعة فوق البنفسجية الضارة ويسمح لها بالوصول إلى السوائل المغذية (3).




وليس فقط كون الضوء لا يتشتت قبل وصوله إلى المستقبلات الضوئية، ولكن خلايا مولر تقوم في الواقع بتصفية الضوء القادم، وتقليل التشتت. لماذا فشل لامب في ذكر هذا، أو ذكر الحقيقة أن عصبونات الشبكية منظمة لتحقيق أكبر قدر من الاستقبال للضوء الساقط؟


في تقرير تم نشره في مجلة PLoS Biology في عام 2009، كتب الباحثون من كاليفورنيا: "مناطق الاستقبال المرصودة وصلت إلى توزيع أمثل (4)." ليس من الممكن لنظام "مقلوب" والذي يفرض الحاجة للتطوير، أن يكون أيضاً "الأمثل"، والذي يعني أنه لا يمكن تطويره.


"العيب" الثاني الذي يعرضه لامب على درجة المساواة من الخداع. فهو كتب أن "الأوعية الدموية تبطن أيضاً السطح الداخلي للشبكية، ملقيةً ظلالاً غير مرغوب بها على طبقة المستقبلات الضوئية (1)." بالطبع، فالأوعية الدموية هناك بكل تأكيد، ولكن هل هناك دليل على الظلال؟ تعمل خلايا مولر في الفقاريات كألياف بصرية، فهي تحني الضوء حرفياً حول الأوعية. بالإضافة إلى هذا، بدون تلك الأوعية الدموية، لن يكون هناك تبادل كافي للمواد الغذائية. الأوعية الدموية لسطح الشبكية الداخلي غير مرغوب بها فقط من أولئك الذين لا يريدون رؤية التوافق المثالي في بنية العين الداخلية.




العيب الأخير المفترض الذي أشار إليه لامب كان "أن الشبكية لديها نقطة عمياء حيث تتجمع الألياف العصبية التي تجري خلال سطح الشبكية قبل أن تحفر نفقاً للخارج عبر الشبكية لتخرج من خلفها كعصب البصر (1)." توفر الشبكية نفقاً للأعصاب حتى تصل للدماغ، ولكن هذا نتاج ثانوي ضروري للحصول على الضبط المثالي للمستقبلات الضوئية. ولا أحد ببصر طبيعي يختبر بقعة عمياء لأنها معوضة بالكامل بواسطة خصائص التصميم العبقرية.


على سبيل المثال فإن نقطة الدخول لحزمة أعصاب الشبكية تم إزاحتها عن قصد. فبهذه الطريقة، المساحة ذات أعلى شدة للكشف البصري في مركز الشبكية، والتي تدعى النقرة fovea، لا يتم تشويشها. أيضاً، فبرنامج المعالجة البصرية في المخ ينتج صور تعبئة لا عيب فيها لتغطية البقعة العمياء (5).

إن العيون السليمة لا تمتلك عيوباً فقط، ولكن أيضاً اعترف الباحثون التطوريون مؤخراً أن العيون لا يمكن تطويرها أكثر (6). هذا يعني أن العيوب المقترحة بواسطة لامب تنطبق فقط على رجل قش خيالي. 

آخر البحوث وأحدث المقالات تؤكد تعقيد تصميم العين أكثر، بل يذهب التطوريون في موقعهم المفضل "National Geographic" إلى القول بأن التطور قد اعطى العين خلايا مولر للتغلب على مشكلة الشبكية (7)! تلك الخلايا التي قلنا عنها أنها تقوم بحرف الضوء ونقله بكفاءة. وهناك بحث يوضح كيفية الاستفادة من خلايا مولر في تطوير الكاميرات والحساسات التي تحاكي عمل الكائنات الحية منشور في مجلة Nature المرموقة (8).

أولئك الذين يصرون على أن العين لديها تركيب معيوب، يجب أن يحاولوا صنع أعيناً أفضل بأنفسهم. على أقل القليل، يجب عليهم أن يحصلوا على ثقافة محدّثة عن الشريح البديع الذي ينتقدوه هكذا بسهولة.


References 
  1. Lamb, T. D. 2011. Evolution of the Eye. Scientific American. 305 (1): 64-69. 
  2. Franze, K. et al. 2007. Müller cells are living optical fibers in the vertebrate retina. Proceedings of the National Academy of Sciences. 104 (20): 8287-8292. 
  3. Thomas, B. Retinal Coordination: Picture Perfect Presentation of Design. ICR News. Posted on icr.org April 15, 2009, accessed August 19, 2011. 
  4. Gauthier, J. L. et al. 2009. Receptive Fields in Primate Retina Are Coordinated to Sample Visual Space More Uniformly. PLoS Biology. 7 (4): e1000063. 
  5. Bergman, J. and J. Calkins. 2005. Is the Backwards Human Retina Evidence of Poor Design? Acts & Facts. 34 (10). 
  6. For example, a 2010 article appearing in The New York Times reported, "Photoreceptors exemplify the principle of optimization." Angier, N. Seeing the Natural World With a Physicist's Lens. The New York Times. Posted on nytimes.com November 1, 2010, accessed August 18, 2011. 
  7. PHENOMENA: February 8, 2009 Living optic fibres bypass the retina’s incompetent design by Ed Yong http://phenomena.nationalgeographic.com/2009/02/08/living-optic-fibres-bypass-the-retinas-incompetent-design/
  8. A.M. Labin et al., “Müller cells separate between wavelengths to improve day vision with minimal effect upon night vision,” Nat Comm, 5:4319, 2014.